#الثائر
– أنور عقل ضو
في مؤتمر للصهيونية العالمية عقد في الولايات المتحدة الأميركية في مطلع هذه الألفية، قال وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر كلاما لم يلتفت إليه كثيرون وقتذاك، ولم يتوقفوا عنده من موقع الاطلاع على ما هي أهداف إسرائيل، وللأسف، غالبا ما نتبنى نظرية المؤامرة ونستسهل المواجهة بدلا من بناء وإعداد خطط، ومثل هذا الأمر يطرح إشكالية دائمة حيال قضايانا العربية، فلم نتبنَّ يوما أفكارا واحدة لمواجهة ما تخطط له الصهيونية العالمية (ونزيد عليها الماسونية) لحماية إسرائيل، ودائما تأخذنا الغوغاء وردات الفعل السريعة والمرتجلة إزاء قضية بعينها، وما يمكن استخلاصه في هذا المجال هو أننا أمام عدو يخطط في مقابل دول تعيش على وقع ارتدادات ما نطلق عليه "مؤامرة"، علما أنه في مفهوم السياسة ليس ثمة مؤامرات، وإنما هناك خطط ومصالح ورؤى وتطلعات تتطلب تبني "التكتيك" في سبيل رؤية استراتيجية ثابتة.
كان كيسنجر واضحا خلال المؤتمر، حين أعاد مقولته الشهيرة لجهة تفتيت المنطقة العربية إلى كيانات طائفية وإثنية متناحرة، وقال ما معناه، حاولنا ذلك عبر الحرب الأهلية في لبنان ولم ننجح، وقصد بذلك أن الصراع راح في اتجاه أبقى المنطقة العربية في منأى عن تداعيات الساحة المحلية، ورأى يومها كيسنجر أن مثل هذا الهدف لا يمكن تحقيقيه إلا عبر إشعال الصراع السني – الشيعي، وهذا ما جاءت ترجمته عبر حروب أميركا في المنطقة، وإحدى أخطر حلقاتها الحرب العراق وتحويله ساحة صراع احتل فيها التناحر بين السنة والشيعة الواجهة، وإذا ما نظرنا إلى واقع المنطقة العربية اليوم نجد أن "رؤية" كيسنجر تحققت، مع وجود أنظمة توتاليتارية نحرت شعوبها ودمرت بلدانها.
ما يعنينا في الحالة اللبنانية، الابتعاد عن كل ما شأنه أن يثير الخلاف بين السنة والشيعة على خلفية أحداث المنطقة، من سوريا إلى العراق فاليمن، إلى الصراع الخليجي - الإيراني، ونكون كمن يستحضر "موتا مجانيا" الرابح فيه إسرائيل دون غيرها.
وما بدأنا نشهده في الآونة الأخيرة يتمثل في توحيد السنة تحت مظلة مذهبية، ردا على تمسك " حزب الله " بتوزير أحد النواب السنة من قوى 8 آذار، وجاءت زيارة وفد "هيئة العلماء المسلمين" في لبنان إلى "بيت الوسط" أمس لتقول كلاما يصب الزيت على نار الخلافات بين طائفتين أساسيتين في لبنان، فرأت أن التحرك من أجل "وحدة الطائفة وإحباطاً لعملية السطو المسلح على القرار السياسي وإدانةً لعملية الاستقواء على البلد والطائفة (السنّية) ببعض أبنائها للأسف".
وبعيدا من أية اعتبارات في السياسة، نقول حذارِ تأجيج الصراع السني – الشيعي، وليس ثمة من هو مستفيد أكثر من إسرائيل وأعداء لبنان!