#الثائر
بعد انفجار "مجرور" الرملة البيضاء في بيروت أول من أمس، ولو كنا في دولة تحترم حقوق مواطنيها وقوانينها، لكان ثمة اليوم العشرات خلف قضبان السجون، أو يمثلون الآن أمام القضاء، ولكنا شهدنا أيضا إقالة عدد كبير من المسؤولين، وتحويلهم إلى النيابة العامة، وهذا أقل الإيمان، فهم المسؤولون عن الجريمة - الفضيحة ومشاركون فيها مباشرة أو تغطية لفاسدين.
قمة الوقاحة أن نسمع من يحاضر في العفاف عن الرملة البيضاء أمس، فمن سهل لهذه الفضيحة؟ وما دور نافذين في الدولة وفي مواقع سياسية وإدارية وقضائية؟ ويمكن العودة إلى ما حذرت منه نقابة المهندسين أمس، ويمكن كذلك مطالعة مطالب الائتلاف المدني الذي فند بالوقائع والأسماء كل الارتكابات واستباحة القيمين على مشروع سياحي كل القوانين، والتعدي على المتنفس الوحيد الباقي لأبناء بيروت، والمتمثل بشاطىء الرملة البيضاء.
محاربة الفساد من هنا تبدأ، وإذا مرت هذه الكارثة التي تحمل تبعاتها المواطنون بعد نهب ما هو حق لهم على شاطئ مصنف ملك عام دون محاسبة وعقاب، فعلى الدولة السلام، والسؤال البديهي، من حمى مشروعا سياحيا على شاطئ الرملة البيضاء، ومن سرق من أمام اللبنانيين آخر ممتلكاتهم البحرية العامة في عاصمة لبنان، والفاعل ليس مجهولا وإن جرى تجهيله، فالشركة لم توقف أعمالها ولو ليوم واحد ضمن البناء، كأنها هي الآمر والناهي، وكان الناشط المدني رجا نجيم قد قال في حزيران (يونيو) "كأن بيروت جزيرة، لا تتبع لأي وطن ولا تخضع للقوانين والمراسيم والأنظمة بالنسبة اليها هي في خبر كان".
ولا يمكن لصق تهمة الفساد بموظف أو بلدية، فالمشكلة أكبر، وتتمثل فيمن أملى قراراته مستغلا موقعه ونفوذه.
إنه الفساد في أكبر تجلياته، ومن حمى مستبيحي الشاطئ سيحمي من سهلوا وبرروا ومكنوا المعتدي من المضي في غيه، ومن يريد محاربة الفساد ليبدأ الآن، ومن يريد بناء دولة عليه واجب أن يطلق يد القضاء دون وصاية وتدخل من ذوي الشأن، كي لا يبقى لبنان بلدا يغرق من آن لآخر في مجرور الفساد!