#الثائر
كتبت صحيفة "الشرق" تقول: ابعد من الارتدادات السياسية والوطنية البالغة الايجابية للمصالحة الشمالية التاريخية بين رئيسي تيار المردة سليمان فرنجية وحزب القوات اللبنانية سمير جعجع التي شهدت بكركي امس على طيّ آخر فصول نزاع دموي عمره 40 عاما بينهما الى غير رجعة، ان انعكاساتها لن تبقى محصورة في الاطار السياسي او على المستوى القيادي، على اهميتهما، بل ستنسحب على القواعد الشعبية التي عانت ما عانته جراء الجرح العميق الذي تسببت به مجزرة اهدن عام 1978 طوال العقود الماضية من ازهاق ارواح وموجة حقد بين القضاءين الجارين. ذلك ان مهندسي المصالحة اللذين اشار اليهما جعجع بـ"الجنديين المجهولين" الوزير السابق يوسف سعادة ومدير مكتب رئيس القوات طوني الشدياق وضعا "ماكيت" بالغة الدقة والاتقان لتأتي المصالحة على اسس متينة غير قابلة للسقوط عند اول عاصفة تضربها، وهي كثيرة على الساحة السياسية بدليل الندوب العميقة التي اصابت جسد "تفاهم معراب" منذ "نعومة اظافره" حتى ان طرفيه وعلى رغم اعلان تمسكهما به، خرجت من داخلهما اصوات تعلن وفاته بعد تحوله الى "لزوم ما لا يلزم".
مصالحة غير قابلة للسقوط
لكن مصادر سياسية مواكبة لمراحل المصالحة الشمالية المارونية تؤكد ان لا مجال للمقارنة بين الواقعين المحيطين بـ"التفاهم" و"المصالحة"، بدءا من الظروف التي حتّمت حصولهما الى طريقة نسجهما والاهداف المرسومة وصولا الى العقلية المتحكمة بالقيادتين الحزبيتين. واذ تشير الى ان الزعيمين الشماليين المعروف مدى التزامهما بالعقائد وتمسكهما بالمبادئ التي دفعا ثمنها غاليا، ليسا في وارد التراجع عن المصالحة او السماح لاي طرف بالمساس بها، تعتبر ان بمثل الثقل الذي وُضع منذ العام 2011 اثر حادثة بصرما الشهيرة من اجل الوصول الى المصالحة، حينما تم تشكيل لجنة من الطرفين انذاك ضمت النائب السابق انطوان زهرا والشدياق عن القوات وسعادة وعضو المكتب السياسي في المردة وضّاح الشاعرعملت على تهدئة النفوس وسحب التوتر من الشارع، سيجري صون وحماية مصالحة بكركي لتصبح غير قابلة للاختراق او للسقوط.
تواصل وتنسيق
وتعتبر المصادر ان المتوقع من نتائج قد يتخطى عتبة القضاءين، اهدن وبشري، الى الشمال عموما وحتى خارج لبنان حيث آثار الاحداث الاليمة ما زالت حاضرة في نفوس الكثير من الشبان الذين كانوا في قلب المعارك انذاك واضطروا الى الهجرة خشية الثأر فتركوا بيوتهم واراضيهم الى دول الاغتراب وما زالوا حتى الساعة، اذ يتوقع عودة كثيرين الى قراهم لاسيما في بلدات الكورة والجوار. حتى على مستوى حل نزاعات مزمنة حول المشاعات وتقاسم المياه، ستنسحب مفاعيل المصالحة، تؤكد المصادر، اذ ان الحساسيات التي كانت تتحكم بسكان المنطقتين وتحول دون حل خلافاتهما الطبيعية بالاطر الحوارية ستتلاشى تباعا لتحل محلها سياسة التواصل والتنسيق لبلوغ الحلول بين الجارين المارونيين.
خطوات مدروسة بدقة
وفي انتظار عودة المياه الشعبية الى مجاريها الطبيعية، بعدما عادت السياسية، فتمحو كل اثار الماضي وتعيد وصل الشمال الماروني بجبل لبنان بعد عزل مزمن، تشرح المصادر ان هندسة المصالحة المشار اليها لم تغفل التفاصيل الدقيقة حتى لحظة المصافحة بين جعجع وفرنجية التي حظيت باهتمام اعلامي محلي وخارجي قلّ نظيره، اذ تولى تغطيتها اكثر من مئة اعلامي واكثر من 15 محطة تلفزة، وقد تظهّرت من خلال طبيعة الوفدين اللذين حضرا الحدث تحت القبة البطريركية. فكان انتقاء متعمد للنواب المشاركين من مختلف اقضية الشمال المعني مباشرة بما يجري، كما لنائبي كسروان شوقي الدكاش وفريد هيكل الخازن ليكونا الى جانب راعي المصالحة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بكركي التي استضافتها.