#الثائر
من اعتاد الوصاية أنى له أن يتحرر منها، ودفق العواطف ومشاعر التضامن مع الجيش السوري عشية تحرير مختطفي السويداء في سوريا لدى تنظيم داعش الإرهابي، لا يمكن أن يرى نفسه ذو حيثية وطنية دون الاستلحاق والاستتباع، ونستثني في هذا المجال ثلاث قوى سياسية، هي "حزب الله"، "التيار الوطني الحر" و"تيار المردة" (إذا لم تخن الذاكرة في ذكر فرقاء آخرين)، فهؤلاء كرسوا التعاطي مع القيادة السورية بما يحفظ كرامة حضورهم السياسي، فلا كانوا تابعين ولا محلقين في فضاء الوصاية بحدود نافرة، كتلك التي نشهدها اليوم.
نعم يجب التنويه والإشادة بدور الجيش السوري في تحرير مختطفي السويداء ، لكن قبل إطلاق هذا السيل الهادر من مشاعر جياشة، كان من الضروري السؤال عن دور هذا الجيش في حماية أبنائه، ولماذا وقعت حادثة الاختطاف أساسا، وما هي الظروف والملابسات؟ وإذا كان ثمة يعتبر أن هذا شأنا سوريا داخليا، فالتهليل للجيش السوري شأن داخلي لدولة عربية شقيقة، فلماذا هذا الاستقتال لمرضاة سوريا؟
متى نتعلم من دروس الماضي بألا نحشر أنوفنا في أمور الآخرين، وأن نوازي بين كرامتنا الوطنية وعلاقاتنا مع الدول القريبة والبعيدة؟ ومن ثم ألا تكفي سنوات طويلة من الوصاية لنتعلم أن هناك فرقا واسعا وبوْنا شاسعا بين التضامن والانبطاح؟ وهل ثمة من يحاول ويسعى لتعظيم حجمه المنفوخ محليا بالحنين إلى الوصاية السورية؟
هذه الأسئلة تلح في هذه الفترة، بحيث عدنا إلى سماع الأسطوانة المشروخة ذاتها، من قبيل " الجيش العربي السوري البطل بقيادة الرئيس القائد الدكتور بشار الأسد "، علما أنه لولا تضحيات وبطولات " حزب الله " لكانت سقطت مناطق واسعة من سوريا بيد الجماعات الإرهابية، فضلا عن أن من حسم الحرب في سوريا ليس الجيش السوري وحده، وإنما الحضور الروسي والإيراني، ولا ننتقص هنا من دور الجيس السوري وتضحياته، لكن المبالغة على طريقة بعض المسؤولين اللبنانيين تثير الكثير من الالتباس وتستحضر الكثير من الأسئلة أيضا.
لم يقتنع بعض اللبنانيين أن لبنان وطن نهائي ذات سيادة ولا يمكن أن يكون تابعا وملحقا بأي دولة في العالم، وأن خصوصية موقعه تفترض إراحته من أجندات الخارج، في حدود تبقيه في منأى عن ملفات المنطقة الملتهبة، وأن هذا النوع من المداهنة، وبتعبير أدق "تبييض الوج" ما عاد يصح في عهد الرئيس العماد ميشال عون، حيث سيادة لبنان وكرامة أبنائه فوق اعتبار.