#الثائر
بعيدا من صخب السياسة وإرهاصاتها، لا سيما ما هو على صلة بـ "إبريق زيت" الحكومة، نظل في مكان متمسكين ببعض أمل وبقية حياة، بين مواقف تصب الزيت على نار أزماتنا، وما أكثرها، وأخرى تعزز ثقتنا بحاضر وغد، بين خطاب لا يتقصد إلا الهدم وآخر يرنو إلى المستقبل والبناء والازدهار.
في هذه المقاربة ننحاز إلى ما يظلل أمنياتنا بفيء الأمان والطمأنينة والاستقرار بعيدا مما يحرق ويعيث في الأرض فسادا وخرابا، ولأننا لا نملك من حطام الدنيا إلا رجاء القيامة من بين ركام الوجع والمعاناة، نبقى محكومين بفكرة أن ثمة ما في الحياة ما يستحق أن نعيشها، وأن نحلم بكل ما أوتينا من حب وقوة.
إذا ما قمنا باستعراض المواقف طوال الأيام العشرة الماضية – باستثناء كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في ذكرى مرور سنتين على توليه سدة الحكم – لا يمكن إلا وأن نتوقف مليا عند ما قاله أمين سر تكتل " لبنان القوي " النائب ابراهيم كنعان في ندوة اقتصادية في الجامعة اليسوعية في المنصورية، بجرأته المعهودة وموضوعيته المعتادة، خصوصا حين أقر بأن الوضع الاقتصادي ليس بخير ونحن أمام صعوبات كبيرة، ليستدرك بأننا لسنا في حالة من الانهيار، لا سيما اننا نستطيع تخطي الصعوبات، تماما كالمريض الذي يحتاج للعلاج، لافتا إلى أن الجسم اللبناني مريض جراء سياسات اعتمدت على مدى 27 عاما ماليا واقتصاديا واجتماعيا، ولكن هناك إرادة كبيرة لإصلاح الواقع، ويجب ان نتعاون على تحقيق ذلك، وان نحتفظ بالأمل.
كلام النائب كنعان، فيه ما يطمئن، لأنه لم يتجاوز الواقع المعاش، لا بل انطلق من لدن أزماتنا ومشكلاتنا ليبني ويحدد تصورا للغد، ولأننا أبناء الغد، ولأننا لا نملك إلا المستقبل لأولادنا وأحفادنا، نهبهم أعمارنا والتعب، نُكبر في النائب كنعان مسؤوليته وحرصه على أن يكون حاضرا في حاضرة الوجع ليعمل على تخطيه، ومن لا يعترف بمرض يتآلف معه ويصبح أسير عوارضه.
وأهم ما قاله أن المجتمع اللبناني المقاوم اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، وهو الذي قاوم احتلالات وظروف صعبة، ولدينا مل كبير بهذا الوطن الذي عمره أكثر من 6000 سنة. واليوم، لدينا رئيس للجمهورية نفتخر به، وقد أسسنا لاستقرار سياسي واقتصادي خلال أول سنتين من العهد، وسنستكمل ذلك من خلال رقابة فعلية، وقضاء قوي، وهي اهداف السنوات المقبلة من العهد، وأن القضاء العادل والقوي وحماية استقلاليته هو مشروع أساسي لتكون هناك محاسبة.
لم يفاجئنا النائب كنعان بمواقفه، ولا بإحاطته من موقع العارف بمصلحة لبنان، خصوصا وأنه ينتمي إلى ثقافة الإصلاح والتغيير، ومعه نتأكد أن هذه الثقافة ليست شعارا فحسب، وإنما هي نهج حياة.