#الثائر
كتبت صحيفة "البناء" تقول: بينما تواجه معضلة تنفيذ التزاماتها في تفاهمات سوتشي مع نهاية مهلة إقامة المنطقة المنزوعة السلاح اليوم، بعدما أعلنت جبهة النصرة رسمياً رفضها سحب السلاح الثقيل والخروج من المنطقة، تستثمر سورية نجاحاتها العسكرية جنوباً وشرقاً في معارك تحرير درعا والبادية بتفاهمات مع الأردن والعراق ذات طابع اقتصادي وسياسي في آن، تعني التسليم الدولي والإقليمي بانتصار سورية، وتفتح شرايين الحركة الاقتصادية التي هدفت الحرب لإغلاقها في سياق خطط حصار سورية ودفعها للاختناق.
الحدث الذي سيطر على المشهد الدولي والإقليمي، كان التهديد المتبادل بين واشنطن والرياض، حيث لم تمرّ تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعقوبات قاسية على الرياض إذا ثبت تورطها في قضية اختفاء وربما قتل جمال الخاشقجي ، كشفت النيويورك تايمز طبيعة العقوبات التي تنتظر الرياض، دون وقف مبيعات السلاح، كما قال ترامب، حيث قالت النيويورك تايمز، إن الطريق هو مطالبة العائلة المالكة بتنحية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي وصفته بـ "المجنون" و"الفاسد". وجاء الرد السعودي عالي السقف بصورة أكدت أن الأمر أكبر بكثير من قضية الخاشقجي، حيث خرج بيان عن مصدر سعودي رسمي وتابع من ورائه ما نقله الكاتب تركي الدخيل عن مصادر صنع القرار في الرياض، والحصيلة تلويح سعودي بقلب الطاولة، اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً واستراتيجياً، وهذا أول تهديد من نوعه في تاريخ العلاقات السعودية الأميركية، حيث تضمّنت لائحة الإجراءات التي أشار الدخيل إلى أنها أكثر من ثلاثين خطوة جرى بحثها، التوقف عن تصدير كمية النفط التي يحتاجها السوق العالمي وترك الأسعار تصل إلى ما فوق المئتي دولار للبرميل، واستبدال تسعير النفط السعودي من الدولار إلى اليوان الصيني، وفي السياسة الذهاب لمصالحة إيران و حزب الله وحركة حماس، وعسكرياً واستراتيجياً الذهاب للتسلّح من روسيا والصين، ومنح الروس قاعدة عسكريّة في تبوك شمال غرب السعودية.
الحدث السعودي الأميركي لا يزال في بداياته، والسؤال الذي يطرحه المعنيون يتصل بمدى ثبات القيادة السعودية على موقفها، لأن مثل هذا السقف العالي مثير للاستغراب، ويرجّح كونه تلويحاً لعدم الإحراج بالتصعيد، طلباً لتفاوض ضمني تسعى الرياض لإطلاقه مع واشنطن، عبر عن الرغبة به سفير السعودية في واشنطن الأمير خالد بن سلمان، بإشادته بالتروّي الأميركي في قضية الخاشقجي، وماذا لو كان الأمر في واشنطن يجري على خلفية الشعور بأن الرياض قد فشلت في كل الملفات وخصوصا في ورطة العصر، التي صارت حبراً على ورق بلا شريك فلسطيني تعهّد السعوديون بتأمينه، بموازاة تقدّم مكانة تركيا لاحتلال المقعد الموازي لإيران في النظام الإقليمي، على حساب المكانة السعودية. فهل تمضي السعودية بتحويل تهديداتها إلى أفعال؟ وأي مشهد إقليمي ودولي سيكون عندها؟ وما سيكون عليه حال الأميركي والإسرائيلي إذا انقلبت السعودية؟ وهل ستُترك لتفعل ذلك أم أننا سنكون على موعد مع تحرّكات أميركية إسرائيلية داخل السعودية للإمساك بدفة الحكم بخطط استخبارية كتلك التي أودت بحياة الملك فيصل بن عبد العزيز عقاباً على دوره في قطع ضخ النفط إلى دول الغرب ومشاركته سورية ومصرفي حرب تشرين 1973؟