#الثائر
كتبت صحيفة "الأخبار " تقول : وضعت وزارة الاقتصاد الناس أمام وهم. أوحت أن الدولة حاضرة لحماية حقوقهم، لكنها دخلت من الباب الخطأ. الحصول على سعر عادل للكهرباء المنتجة عبر مولّدات الأحياء ليس هو الحق الذي ينشده المواطنون، فحقهم على الدولة أن تؤمن هي الكهرباء، بدل أن تكتشف بعد عشرات السنين من انتشار المولدات غير القانونية أن هذا القطاع بحاجة إلى تنظيم، فتتدخل لتنظيمه، منتجة بتدخلها أكلافاً فورية سيدفعها المواطنون، وتعويضات مالية مسبقة لأصحاب المولدات، بعشرات ملايين الدولارات!
في عام 2018، تفاخر السلطة بتنظيم قطاع المولدات، الذي يفترض أن يكون قد انقرض منذ سنوات، لو نُفّذت الوعود المتكررة بكهرباء 24 / 24. ليست وزارة الاقتصاد هي المسؤولة عن هذا العجز المشبوه، لكنها وُضعت في الواجهة لتوحي بأن الدولة حريصة على الناس وعلى تخفيف الأعباء عنهم، فكانت الرسالة الفعلية إعلان الفشل في تأمين أي من مستلزمات المواطنين، وأولها الماء والكهرباء. حماسة العاملين في وزارة الاقتصاد لن تغطي على نظام متهالك يبحث عن إنجازات زائفة هنا وهناك، كي يداري سقوطه.
.... السعي إلى خفض كلفة الاشتراك أمر محمود بطبيعة الحال. لكن تنفيذه وحده، وبلا خطط واضحة، قد يشكّل عبئاً إضافياً على السكان، وعلى الدولة معاً (ربما يلجأ مشتركون إلى نقل جزء من استهلاك الكهرباء من المولدات إلى "كهرباء الدولة"، ما يعني زيادة كلفة الانتاج في مؤسسة كهرباء لبنان، وتالياً، كلفة الدعم). لكن أخطر ما في نتائج العمل العشوائي لوزارة الاقتصاد هو تضمنه جمع مبلغ بعشرات ملايين الدولارات، ووضعه في جيوب أصحاب المولدات. فبافتراض أن نصف المشتركين في مؤسسة كهرباء لبنان (مليون و400 ألف مشترك) مشتركون أيضاً في المولدات، فهذا يعني أن 700 ألف منزل ومنشأة سيكون كل منهم مضطراً إلى دفع مبلغ 100 ألف ليرة على الأقل، ما يعني أن 70 مليار ليرة لبنانية (أكثر من 46 مليون دولار أميركي) ستنتقل فوراً إلى جيوب أصحاب المولدات! ورغم أن هذا المبلغ سيُعدّ بمثابة "مبلغ تأمين" مستحَق للمشتركين، إلا انه لا ضمانة باسترداده مستقبلاً، ولم تجد الوزارة نفسها معنية بضمانه، فيما هي قررت إلزام المشتركين بضمان "حقوق أصحاب المولدات"! فضلاً عن أن نقل مبلغ بهذا القدر إلى أصحاب المولدات، سيمكّنهم من استخدامه للحصول على ما يشبه "التعويض المسبق" عن الاستغناء عنهم بعد سنوات، في حال تمكّنت الدولة من تأمين إنتاج مستقر للكهرباء يغطي كل الأراضي اللبنانية، 24 ساعة يومياً.
قبل ذلك، تمثلت الخطوة الأولى التي خطتها الدولة إلى الوراء متراجعة أمام أصحاب المولدات، برفع سعر الكيلو واط. مع تنفيذ القرار لم يعد السعر بين 300 ليرة و350 ليرة، بل قفز إلى ما بين 410 ليرات و450 ليرة. صحيح أن أصحاب المولدات كانوا يطالبون بأن يكون السعر 600 ليرة، مع استعدادهم للوصول إلى اتفاق وسطي يقضي بأن يكون سعر الكيلوواط 500 ليرة، إلا أن السعر الذي أقرّ لم يختلف كثيراً عن مطلب أصحاب المولدات، أضف إلى أن الوزير كان وعد في الاجتماع الذي عقد الأسبوع الماضي، أن "التسعيرة التي تصدر عن وزارة الطاقة شهرياً ستجرى لها دراسة جديدة"، ما يعني إمكانية رفعها أكثر. وهو ما أكدته مصادر الوزارة، مع تقليلها من أهميته، إذ أشارت المصادر إلى أنه حتى لو وصلت التعرفة إلى 500 ليرة (تحددها وزارة الطاقة)، فإن تكلفة الـ5 أمبير، على افتراض استعمالها كاملة، ستعني دفع فاتورة تعادل 100 ألف ليرة!
في هذا القطاع، يلعب الوزير رائد خوري الدور الذي يهواه: "الناظم" بين القطاع الخاص الهادف إلى تضخيم أرباحه، والمواطنين المضطرين إلى اللجوء إلى هذا القطاع، لأن "الدولة" قررت ألا تقوم بواجبها الاول، وهو تأمين الخدمات للسكان. وبدلاً من ذلك، تقف إلى جانب القطاع الخاص، ولو كان غير قانوني، منتحلة صفة الحريص على حقوق المواطنين، لينتهي تدخّلها بالخضوع لابتزاز "أصحاب الأموال"، تحت عنوان خفض الكلفة على المستهلكين، لكن بتحميل الأسر نفقات فورية كانت في غنى عنها.