#الثائر
لا نعلم ما هي الاعتبارات والأسباب لعقد لقاء في عاليه السبت المقبل مع النائب أنطوان بانو تحت عنوان "حرب الجبل"، ولا المقصود من تبني قطاع الشباب في " التيار الوطني الحر " لهذا اللقاء وتنظيمه، لا سيما في لحظة سياسية لا تحتمل نقاشا لن يفضي إلا لمزيد من التهور في نبش القبور، فضلا عن أن الدعوة تحمل الكثير من التساؤل، توقيتا وأهدافا، خصوصا إذا كان لدى النائب بانو الكثير ليقوله، ما يعني أن الآخر المعني سيكون لديه ما يقول أيضا، وسنكون أمام فصل جديد من مواجهة يخطىء من يظن أنها ستكون تحت السيطرة، ويخطىء أكثر من يعتقد أن أي مواجهة بأمراض طائفية ستكتب فيها الغلبة لفريق دون آخر.
ماذا كان سيتحدث بانو عن "حرب الجبل"؟ وماذا كان سيقول؟ وإذا كان الحدث وتنظيمه من باب الاتعاظ وأخذ العبر، فلماذا لم يُدعَ الفريق الآخر المعني؟ ولماذا لم يجر التحضير للقاء أو مؤتمر يؤسس لتعزيز المصالحة في الجبل؟ ومن ثم ألا يعلم من تفتق ذهنه عن أن تبني مثل هذا اللقاء، سيبنى عليه لتكون ثمة لقاءات مقابلة؟ أبعد من ذلك، إن فتح السجال على قاعدة غير مستندة إلى رؤى موضوعية نقدا لتجربة تَساوى فيها الجميع قتلا وتهجيرا وتدميرا وخطفا وتنكيلا، سيؤدي إلى نشوب حرب تبدأ بقلاقل ولن يكون في ما بعد بمقدور لا الرئيس ميشال عون ولا النائب وليد جنبلاط محاصرتها، ولا الجيش اللبناني أيضا، فنكء جراح الماضي غير المندملة ستفيض قيحا وأحقادا.
ما إن تم الإعلان عن هذا اللقاء حتى انطلقت بوادر "حرب جبل إلكترونية" على مواقع التواصل الاجتماعي ، فتحت خلالها صفحات ماضٍ لا يشرف أحدا، تضمنت نبش صور ومواقف وتوزيع تهم، الأمر الذي حدا باللجنة المشتركة التي قامت أخيراً بين "الاشتراكي" و"الوطني الحر" إلى التدخل لتخفيف التوتر الاحتقان، فضلا عن أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم أجرى اتصالات أدّت إلى إلغاء اللقاء.
ما كنا قد ألمحنا إليه وحذرنا منه أن التأليب الطائفي لتجيير أصوات الناخبين خلال الاستحقاق النيابي الأخير دونه محاذير خطيرة، وها نحن اليوم نعيش بعض فصول خطاب مريض ساقط أجوف، ومن يظن أن جمهور "الإشتراكي" و"التيار" محصن بوجه الفتنة يكون خاطئا، فالانتماء الأعمى عطل العقل لدى الجميع دون استثناء، وحدها الغرائز متفلتة الآن، وعلى الجميع لجمها.