#الثائر
– أنور عقل ضو
كل الدروب تفضي إلى تعزيز الانقسام والتشظي، فيما نستعيد بعض ملامح مرحلة ما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري ، بين شارعين وجمهورين وخطابين، أما الحكومة فغدت تفصيلا ليس أكثر، واستحقاقا ثانويا في بحر أزمات المنطقة سنتذكر أنه كان يوما في المتناول، فأضعنا الممكن المتاح وذهبنا إلى المستحيل الــمُــتَخــيَّل، ولم نتيقن أن بعض العناد إثم، ونحن نواجه اليوم ما صنعنا عبر أوهام القوة ومتاهة الحصص والأحجام والأرقام، بعد أن ارتضينا محاكاة الواقع بعين أهوائنا وبقوة لا نملك منها إلا سراب أحلام واهنة.
لا حكومة حتى ولو تشكلت اليوم قبل الغد، لا حكومة حتى وإن أطلت بربطات عنق وصورة تذكارية، وأقصى الممكن توليفة متنابذة وصراع ديكة على مشاريع وتسويات وصفقات، تسير وتُعطل بالتوافق، أما الوقت الضائع فما عدنا نملكه، صادرته دبلوماسية " إس 300 "، وصرنا على مرمى صاروخ نتوهم أنه سيقلب التوازنات في المنطقة، وليس ثمة من يعلم أنه في محصلة الصراع الإقليمي والدولي، لا الولايات المتحدة ستخسر ولا روسيا ستربح.
هي معادلات ترسم مواقع النفوذ لا أكثر ولا أقل، ولبنان وسط هذا المنعطف التاريخي أقل من تفصيل، ساحة للهو بالسياسة واللعب بخيوط الوهم ننسج منها بعض خيبات وكثير من إرهاصات تحيلنا إلى الانتظار، ريثما يقرر عنا الآخرون بالنظر إلى ما يشخصونه من عوارض أمراض أقعدتنا عن أن نبني وطنا، ونجول بين الأمم بكرسي نقال، نعيش منذ أن ارتضينا أن تكون الطوائف ناظمة للسياسة في غيبوبة مستقرة.
ورغم ذلك، ثمة من يعتبر أن تشكيل الحكومة قبل تزويد سوريا بصوريخ "إس 300" شيء وبعده شيء آخر، فأي هذيان هذا، فيما التنسيق الروسي مع إسرائيل قائم على تحديد قواعد اللعبة بنسخة جديدة منقحة، على قاعدة لا يموت الذئب ولا يفني الغنم، أي إبقاء التوتر قائما، وبعض السلاح يصنع لكي لا يستخدم، من باب عرض القوة وتشريع تصدير الأسلحة كقطاع اقتصادي للدول العظمى، وإن استخدم فمن أجل الاختبار، وإعلان مجاني لتسويق المنتج.
لا يعني ذلك أن المنطقة ليست في منأى عن مواجهات وحروب، فذلك وارد الآن أكثر من أي وقت مضى، ولكن في حدود رسم توازنات جديدة يبدو أن ثمة من يريد ربطها بتشكيل الحكومة، والله ولي التوفيق!