#الثائر
كأن اللبنانيين محكومون بالإحباط قدرا لا فكاك منه، ينتقلون من خيبة إلى أخرى ومن إذلال لآخر، من أزمة إلى فضيحة ومن مشكلة إلى كارثة، وإذا ما حاولوا مقارنة أوضاعهم بأوضاع سائر دول العالم، فالحقيقة صادمة، وأقلها أننا بتنا ننتمي إلى دول عالم رابع وخامس وما دون.
ما حصل أمس في " مطار رفيق الحريري الدولي " لم يكن شائعة تستهدف تقويض الإنجازات الغائبة، ولا تلك الحاضرة على استحياء، حتى صار الحديث أبعد من مجرد حادثة ومرت، لا بل هي تستحضر سؤالا معطوفا على أسئلة ليس ثمة من هو بقادر على الإجابة عنها، فمن يستهدف مطار بيروت؟ وما الغاية وحقيقة الأهداف؟ وهل ما شهد المطار منذ الصيف إلى الآن مجرد أحداث عرضية؟
أسئلة تستمد مشروعية طرحها كونها ترقى إلى مرتبة "فضيحة" أيا كانت الأسباب والأعذار، فما تأكد ويتأكد أن هذا المرفق وما يمثل من واجهة لبنان بات محكوما بمزاجية لا تعكس أي شعور بالمسؤولية، تضاف إلى الأعطال قبل أسابيع والتي لم نتبين إلى الآن حقيقة أنها مقصودة أم لا، لكن ما بات في حكم المؤكد أنها جاءت بنتائج كانت وما تزال فيها سمعة لبنان على المحك، وما حدث أمس تخطى العرض والطارىء إلى ما يرقى إلى تصرف غير مسؤول وعن سابق إصرار وتصميم، وما تأتى من هذه الواقعة غير المبررة طاول سمعة الاجهزة الامنية المفترض أنها مولجة حماية المطار والسهر على راحة المسافرين.
لن نتحمل عبء وعناء البحث عن تفاصيل ما حدث، فهذا شأن القضاء والجهات المعنية، ولن نلقي باللوم والمسؤولية على أي من الجهتين المعنيتين، ونعلم أن ثمة عينا خفية ترصد وتوظف هامش الفوضى على قاعدة أن كل مؤسسة محسوبة على فريق وطائفة، وجل مسؤولي الدولة يعلقون خلف مكاتبهم صور رئيس البلاد، لكن ضمنا يحملون صور من أوصلهم إلى مواقع المسؤولية، وان كان التعميم لا يجوز، خصوصا وأن ثمة كفاءات لا تحتاج إلى شفاعة زعيم الطائفة والمذهب، وإن كان يمثل بحكم المحاصصة الممر الملــــزم لتسنِّم الموقع والمركز.
لا نعول على إجراءات سيطالعنا بها وزير الداخلية اليوم استكمالا لما قام به بالأمس، حتى وإن كانت ضرورية، فالمشكلة أبعد من إشكال بين جهازين مولجين أمن المطار وسلامة المواطنين والمسافرين، ونعلم مسبقا أن الاستنساب والشعبوية سيحضران إما للتوظيف وإما للتمييع، إلا إذا تم الاتفاق في السياسة على تحييد المطار، خصوصا وأننا نشتم ما هو أبعد، لجهة محاصرة مؤسسة وطنية ارتقت بلبنان إلى فضاء العالم، وكل الخوف أن يكون ثمة قرار بمحاصرة الناقل الوطني، أي طيران الشرق الأوسط، من خاصرة المطار، تماما كما الحملة التي خيضت قبل أيام ضد حاكم مصرف لبنان.
ما جرى بالأمس ليس كما اعتبره وزير الداخلية بأنه "سوء تفاهم حصل وتم حله ولا كيدية"، وإنما هو نذير فساد أكبر وأعم!