#الثائر
استقبل رئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر الرئيس فؤاد السنيورة في دار مطرانية بيروت المارونية في الأشرفية، الذي أطلعه على الزيارة التي قام بها مجلس العلاقات العربية والدولية، والذي هو عضو فيه، إلى حاضرة الفاتيكان في روما. وهي كذلك كانت مناسبة لعرض الأوضاع على الساحة اللبنانية.
وبعد اللقاء، قال الرئيس السنيورة في تصريح: "ما يربطني بصاحب السيادة المطران بولس مطر وبهذه الثقة الكبيرة التي يتمتع بها عند الكثير من اللبنانيين وأنا أشاركهم كل المشاركة بهذا التقدير وهذه الثقة، أحببت أن أطلع سيادته على الزيارة التي قمنا بها، إلى حاضرة الفاتيكان، ولقائنا بقداسة البابا فرنسيس، وعلى اجتماعنا مع أمين سر دولة الفاتيكان ووزير خارجيتها والبحث معهما الأمور المستجدة بموضوع العيش المشترك الإسلامي - المسيحي وكيفية تعزيزه، وكذلك بموضوع القدس، ولاسيما في ضوء المتغيرات التي جرت بشأنها وتحديدا لجهة موضوع نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، والقرارات التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية والكنيست الإسرائيلي حول يهودية الدولة".
أضاف: "إلى أمور عديدة أخرى، وصولا إلى ما نسمعه اليوم حول موضوع وقف المساعدات عن الأونروا بغرض إقفالها، وطرد ممثل منظمة التحرير الفلسطينية من واشنطن، وأيضا حول ما يحكى اليوم عن تقاسم المسجد الأقصى. وكل هذه الأمور الخطيرة جدا دعتنا كمجلس للعلاقات العربية والدولية إلى الذهاب إلى حاضرة الفاتيكان للبحث في هذه المواضيع مع قداسة البابا والمسؤولين فيها. ولقد سمعنا من المسؤولين في الفاتيكان موقفا مؤيدا للحق العربي وحق جميع الأديان في ما خص مدينة القدس وحق سكان القدس في أن يستمروا بوجودهم فيها، وحق الدول العربية والفلسطينيين في إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وذلك كما تم إقراره في قمة بيروت وتحديدا في ما يتعلق بالحل الذي تقترحه القمة العربية للقضية الفلسطينية على عكس ما يراد ويخطط من أمور من قبل إسرائيل للإطاحة بالقضية الفلسطينية برمتها".
وتابع السنيورة: "لقائي مع المطران مطر كان أيضا مناسبة للبحث فيما يجري في لبنان وأهمية الدفاع عن اتفاق الطائف والتمسك به. هذا الاتفاق الذي جمع اللبنانيين والذين تمكنوا من خلاله من إنهاء الحرب اللبنانية والبدء بإعادة بناء لبنان ودولته. ولا بد لي هنا من أن أذكر ما قاله قداسة البابا يوحنا بولس الثاني عن لبنان عندما زاره في منتصف التسعينات، أن هذا الوطن هو رسالة في العالم. نعم لبنان هو رسالة في العالم وإلى العالم وأن اتفاق الطائف بكونه يقوم ويحض على العيش المشترك هو خطوة على هذا المسار. وأنا أرى أن لبنان الرسالة يحتاج فعلا إلى رسول لإيصال هذه الرسالة. وبهذا المعني فإنه ينبغي على اللبنانيين بتآزرهم وتعاونهم وتضامنهم أن يشكلوا هذا الرسول الذي يحمل هذه الرسالة السامية، والتي قد نقضي عليها لا سمح الله بخلافاتنا الصغيرة متناسين أو قد نتناسى المخاطر الكبيرة المحدقة بنا، والتي قد نتعرض لها من الداخل ومن الخارج، نتيجة للمتغيرات والتحولات الحاصلة في لبنان والمنطقة وعلى أكثر من صعيد".
وأكد أنه "من المهم البحث مع سيادة المطران مطر في أهمية الدفاع عن اتفاق الطائف وأهمية التمسك به، لأن الانقلاب على هذا العقد الذي توصلنا إليه، هو قفزة في المجهول المعلوم. وهذا ليس من مصلحة أحد. طبعا، بعد أن يتم تطبيق اتفاق الطائف بكامله وهذا ما يجب أن نقوم به، وعندما تطمئن النفوس هناك مجال كبير، لأي تحسين قد يتم التوافق عليه بشأن هذا الاتفاق - العقد بين اللبنانيين - لكن هذا يتطلب طمأنينة لدى الجميع من خلال تخطي العثرات التي قد نواجهها بدلا من البحث عن عثرات جديدة أو خلافات قد نقع فيها أو نوقع أنفسنا فيها".
وردا على سؤال حول الحكومة العتيدة ومتى ستبصر النور، قال السنيورة: "من أهم الأمور التي يجب أن نعمل عليها، حتى نستطيع إنجاز تأليف الحكومة هو الترفع عن الأمور الصغيرة وعن التقاسمات والمحاصصات التي تشغلنا الآن وهي كلها على حساب الدولة اللبنانية وعلى حساب المصالح الحقيقية للمواطنين اللبنانيين".
أضاف: "لذلك فإنه ينبغي علينا في توجهاتنا وفي أدائنا أن نكون أكبر من ذلك بكثير. وهذا من مسؤولية الرئيس المكلف حتما ولكن أيضا من مسؤولية فخامة الرئيس وكذلك الرئيس نبيه بري لإدراك عظم المشكلات والمخاطر التي نواجهها كوطن، وبالتالي لإيجاد الحل السريع لمسألة الحكومة العتيدة. وألا نحاول ولا ان نستمر في التذاكي على بعضنا بعضا في هذا الموضوع من هنا أو من هناك".
وتابع: "المشكلات التي نواجهها، هي أكبر من ذلك بكثير. والمسائل والإصلاحات التي يجب البت بها، هي أكبر بكثير من موضوع تشكيل الحكومة فالمشكلات التي علينا مواجهتها في المواضيع الحياتية والمعيشية والاقتصادية والمالية كبيرة جدا، والأوضاع التي آل إليها حال الدولة خطيرة جدا، وذلك بسبب استتباع الدولة من قبل الأحزاب والميليشيات. والمؤسف أنه يترافق مع ذلك انحسار في مستوى ثقة الناس بدولتهم وبالسياسيين اللبنانيين".
وأشار الى أن "كل هذه التحديات تتطلب منا كلبنانيين أن نجد وبأسرع وقت، الصدمة الإيجابية الأساسية والكبيرة التي تضعنا على بداية طريق استعادة الثقة بالدولة اللبنانية من خلال الالتزام وفي الحد الأدنى بإعادة الاعتبار والاحترام للدستور والقوانين والدولة واحترام الكفاءة والجدارة لدى الأشخاص الذين يتولون المسؤولية في الدولة اللبنانية ومحاسبتهم على أساس أدائهم وليس على أساس انتمائهم لهذا الطرف أو ذاك"، لافتا الى أن "هذه الأمور في غاية الأهمية لنستطيع مواجهة المشكلات الكبيرة التي تواجهنا وعلى أكثر من صعيد. أكان ذلك على صعيد إعادة الاعتبار للدولة وتثبيت الأمن أو على صعيد استعادة ثقة اللبنانيين بدولتهم، واستعادة ثقة المجتمع الدولي بلبنان ودولته ولتمكيننا من معالجة القضايا الاقتصادية والمالية الصعبة التي نواجهها".
وختم: "مواجهة الأمور عملية شديدة الصعوبة، ولكن ليس هناك من استحالة في مواجهة كل ذلك إذا توفر لدينا القرار والالتزام بكل ذلك، بل هناك إمكانية، وحتى هذه اللحظة، لنسير على طريق الإصلاح الحقيقي، لكن علينا أن نفهم، بأننا لم يعد بإمكاننا معالجة مشكلاتنا بـ "المراهم" العادية. كما أننا تخطينا مرحلة ما يسمى ترف الانتظار ولم يعد لدينا ترف الاختيار. لقد أصبحنا في حال ينبغي علينا أن تكون لدينا الجرأة في أن نتخذ القرارات الصعبة، ولكن هذا يقتضي، أن تكون لدينا حكومة وأن يكون لدينا اتفاق حول القضايا التي علينا معالجتها من خلال اتخاذ القرارات الصحيحة والشجاعة بشأنها في الحكومة حتى لا نعود إلى الاختلاف بعد تأليفها. طبعا، إنها مسألة في غاية الصعوبة ولكنها غير مستحيلة. ولكي نستعيد ثقة مواطنينا بدولتهم وبالسياسيين، وكذلك ثقة أشقائنا وأصدقائنا، علينا اتخاذ القرارات الصعبة، أكان ذلك في تشكيل الحكومة أو في أدائها وعملها بعد ذلك".
وطنية -