#الثائر
– سوزان أبو سعيد ضو
عادت التعديات على رئة العاصمة الوحيدة ومتنفسها الوحيد المتمثلة بحرش (حرج) بيروت، وساحة أعيادها في الماضي وبعض حنين ذاكرتها وإرثها الثقافي، فبعد إقامة "المستشفى الميداني المصري"، وبعد ما عانته الأشجار من أمراض وآفات اضطرت إلى قطع نسبة تصل إلى ربع أشجارها تقريبا، بدأت أعمال بناء جديد لتقتطع جزء جديد من الحرش، والبناء وفقا لما يقوله المواطنون يخص الأمن العام اللبناني، أو للحرس البلدي، مؤلف من خمس طبقات، وبدأ العمل على العقار المحاذي لشارع القاضي راغب علامة بحفريات وبإزالة الأشجار.
علامة... جريمة بيئية
وفي هذا المجال، كتب المحامي سعيد علامة على صفحته الخاصة على موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك": "لقد اقتلعت ليلاً كل أشجار الصنوبر، انها جريمة بيئية، مجزرة فعلية بحق الطبيعة، لا مثيل لها، ولا تغتفر، كما يبدو في الصورة، وبدأت اعمال الحفريات تمهيداً للمباشرة بالانشاءات المؤذية للطبيعة والمضرة بالأملاك الخاصة، واليكم الكتاب الاعتراضي الذي يحمل تواقيع السكان كما يبدو ادناه نتوجه به لكل من يعنيهم الامر من مسؤولين في الدولة كما نتوجه به اخباراً علنياً للجهات القضائية المختصة".
ووجه عدد من السكان كتابا اعتراضيا لبلدية بيروت جاء فيه: "جانب بلدية بيروت، المستدعي مالكو وشاغلو أقسام بناية Pineland، عقار 1257 منطقة الشياح، المحاذي لشارع القاضي راغب علامة، وسكان البنايات المجاورة المتضررة من جراء إنشاء مبنى للأمن العام، الموضوع: طلب إيقاف العمل بمبنى جديد للأمن العام داخل جزء من حرش بيروت"، وتابع الكتاب: "تحية طيبة وبعد، منذ يوم الإثنين 3/9/2018، لاحظنا أن هناك عمليات حفر وتوسعة وقلع أشجار داخل جزء من حرش بيروت ، وبالتحديد داخل العقار المحاذي لشارع القاضي راغب علامة، وعند السؤال والإستعلام تبين أن هذه الأعمال عبارة عن مشروع بناء من خمس طبقات للأمن العام اللبناني".
وأضاف الكتاب: "ولما كانت هذه الأعمال تقام دون أي اعتبار للبيئة، كونها تقام داخل حرش تابع لبلدية بيروت كما للجوار، كون البناء المراد إنشاؤه يؤذي كل البنايات التي تطل على الشارع والحرش، ويحجب الرؤية ويشوه المنطقة والشارع والحرش، وكون إنشاء مركز للأمن العام في تلك النقطة تحديدا سوف يتسبب بزحمة سير خانقة جدا خلال فترة الأعمال بسبب أعمال الحفر والإنشاء والمعدات الكبيرة، وحتى بعد الإنتهاء من جراء قدوم المواطنين بسياراتهم حيث لا يوجد أي مكان لإيقاف السيارات ولو لفترة دقيقة واحدة، علما أنه حتى بدون هذه الأعمال وهذا المركز هناك زحمة سير بشكل يومي، بسبب الحواجز الأمنية وتحويلات السير وإقفال الكثير من المداخل".
وختم الكتاب: "لذا نطلب وبصورة عاجلة، إيقاف وإلغاء الأعمال نهائيا، والطلب من الأمن العام اختيار نقطة أخرى، لا تتسبب بأضرار للسكان والمنطقة والبيئة، كما ونطلب الحفاظ على هذه المنطقة الخضراء الصغيرة وتعزيزها وصيانتها وتنظيفها وتطويرها، شاكرين لكم خدماتكم وسهركم على راحة المواطنين". ووقع الكتاب عدد من السكان من المباني المجاورة لأعمال البناء.
جمعية نحن
من جهتها أوردت "جمعية نحن" التي تابعت تأهيل وحماية الحرش وصولا إلى افتتاحه على صفحتها الخاصة على موقع "فيسبوك" تحديثا جاء فيه: " المساحات الخضراء تنهشها مجددا بلدية بيروت! فبعد مرور سنوات على بناء سيار الدرك قرب دوار الطيونة على رقعة تابعة لمحمية حرش بيروت برغم الإعتراض الشديد للسكان، تقوم بلدية بيروت مجددا بإزالة عشرات من أشجار الصنوبر لإقامة مبنى رسمي برغم إمتعاض سكان المنطقة!".
وتساءلت "جمعية نحن": "إلى متى التعدي الجائر على المساحات الخضراء؟ رقعة الأرض التي تقام عليها هذه المباني هي رقعة تابعة لحرش بيروت وكان من المفروض أن تظل خضراء مزروعة بأشجار الصنوبر! ألا يحق للسكان بمتنفس أخضر بدل سدود الباطون؟"، وقد أضافت "نحن" عدد من الهاشتاغات "الأوسام":
#لا_للبناء_على_حساب_حرش_بيروت
#لا_لنهش_المساحات_الخضراء
#للحفاظ_على_صنوبر_بيروت
#هذه_الأرض_ليست_مخصصة_للبناء
وقال رئيس "جمعية نحن "لـ "غدي نيوز": "ما تقوم به بلدية بيروت هو جزء من سياستها الهادفة لقضم المساحة الخضراء المتمثلة بـ (حرش بيرو))، فمنذ 2017 أقروا مرسوما لإعطاء جزء من الحرش لكشافة وراديو الرسالة، وسبق هذا قرار من البلدية وأعطي جزء منه للمقابر، فضلا عن المستشفى الميداني المصري، كما اتخذ قرار سابق بإنشاء ملعب على جزء من الحرش، فهذه كلها جزء من السياسات لقضم الحرش، فهذه البلدية لا يعنيها لا الحرش وهو المتنفس الطبيعي لأهل بيروت ولا كونه ثروة طبيعية وتراثا لأهلها، ومرتبطا بالإسم والذاكرة والهوية، وبنفس الوقت لا تعنيها صحة الناس أيضا، وهم يخالفون القانون ومن كل النواحي".
وخلص أيوب إلى أنه " أصبح من الواضح أنه رغم مخالفة القوانين إلا أن الموجودين في بلدية بيروت من المجلس البلدي للمحافظ لوزير الداخلية، لا يهمهم أحدا ويضربون عرض الحائط كافة القوانين، وبالتأكيد لم يسألوا رأي الناس الذين سيتأثرون مباشرة، فبلدية بيروت لا تخالف القانون فحسب بل تصر على مخالفته، والمثل يقول (اللي استحوا ماتوا)"، وأضاف: "أعتقد أنهم يبنون مركزا للحرس البلدي ويقال مركز أمني، وعلى الرغم من ذلك يخالفون القانون، لأنه ليس هناك قرار".
من جهتنا في "غدي نيوز"، نتساءل، هل أصبحت التعديات التي تستهدف الأملاك العامة واقعا لا يمكن أن يكون للمواطن فيه أي حق بالإعتراض، ويجب عليه الخضوع؟ وهل مسموح أن تتحول بلادنا إلى غابات من الإسمنت والمباني الحديثة على حساب غاباتنا ومساحاتنا الخضراء ومشاعات البلديات التي تتحول شيئا فشيئا إلى أملاك خاصة و كسارات ومرامل تقوض كافة مقومات العيش وتساهم بالتلوث الذي يدفعه المواطنون من صحتهم وصحة أولادهم ومستقبلهم ومستقبل بلادهم، وتحول الماضي الجميل إلى ذكرى؟