#الثائر
كتبت مرلين وهبة في "الجمهورية" تقول:
لم تتوقّع الولايات المتحدة ولوج روسيا الى المنطقة في الشكل الذي وصلت إليه اليوم، وهي مثلما تفاجأت بغزو الطائرات الروسية المدارج السورية عام 2015 تتفاجأ اليوم هي ودول عدة «خبيرة في الشؤون اللبنانية» من الحركة الروسية المتقدّمة في الملف اللبناني، ومن تمكّنها من ولوج تفاصيله الدقيقة. ويلحظ متابعو السفير الروسي في لبنان الكسندر زاسبيكين ، ليس فقط تمكّنه من اللغة العربية، بل أيضاً مدى استيعابه للملف الداخلي اللبناني وتشعّباته، هو الذي عايشه من سنوات طوال ولَو بصمت.
يلفت المراقبون الى حركة السفير الروسي، الذي لا يكتفي في مباحثاته السياسية بمتابعة ملف عودة النازحين واللجنة المفترضة الذي سيشرف شخصيّاً عليها.
بل هو يثير أيضاً أزمة التشكيلة الحكومية في مباحثاته، وقد تطرّق الى الملف في حديثين إعلامييَّن منفصلَين. أمّا اللافت فهو تجاوب الأغلبية من الساسة ورجال الدولة مع الدور الذي يؤديه السفير والدولة التي يمثلها.
وفي سياق المواجهة الأميركية للتدخل الروسي، كشف مصدر دبلوماسي روسي لـ«الجمهورية» عن انّ أميركا تمكنت من إيقاف مشروع اتفاقية عسكرية بدأ في شباط الفائت بين لبنان وروسيا بمسودة، إثر اجتماعات روسية لبنانية، وقد تبلورت صيغتها النهائية بـ10 بنود أبرزها:
-1 تبادل للخبرات العسكرية اللبنانية والروسية
-2 دعم الجيش اللبناني
-3 تأمين قروض ميسّرة لشراء الاسلحة الروسية
نص الاتفاقية لم ينشر، الّا انّ المصدر الديبلوماسي الروسي يوضح لـ«الجمهورية» انّ مسودة الاتفاقية لم تضع اي قيد على أنواع الاسلحة التي هي عبارة عن هِبات، أمّا الجزء الآخر فهو يتضمن تسهيلات بالدفع.
وفي سياق متصل، تتوقّع الأوساط الخبيرة في الشؤون الروسية ألّا تسمح اميركا لروسيا بسحب الورقة اللبنانية من يدها، وهي تعرقل الأمر تدريجاً. في المقابل لن يكون الردع الأميركي لروسيا شاملاً في ظل الانتشار الروسي في سوريا، وهو السبب الاساس لتدخّل روسيا في الملف اللبناني.
ويوضح المصدر نفسه انّ الاتفاقية تعرقلت قبل الانتخابات النيابية، إذ رفض الاميركيّون طرحها على مجلس الوزراء بعدما تسرّب مضمونها. الّا انّ الروس لم يصرفوا النظر عن الموضوع، بل يهتمون بالتشكيلة الحكومية المرتقبة بغية إعادة طرحه في الحكومة الجديدة.
وتكشف أوساط خبيرة في الشؤون الروسية لـ«الجمهورية» أنّ الحديث عن التنسيق الروسي اللبناني بدأ خلال زيارة الرئيس سعد الحريري روسيا في ايلول من العام ٢٠١٧، حيث أثار الحريري موضوع شراء اسلحة روسية للجيش اللبناني، واستكملت المحادثات بعد ذلك في شباط بعد قرار حكومي روسي بتكليف وزير الدفاع سيرغي شويغو بمتابعة المفاوضات لعقد اتفاقية عسكرية واسعة تشمل التنسيق في مجالات متعددة تبدأ في محاربة الارهاب، مروراً بتدريب الجيش اللبناني ومشاركته في العديد من الدورات والمؤتمرات العسكرية، وصولاً الى مرابطة السفن العسكرية الروسية على الشواطئ اللبنانية واستخدام الاراضي اللبنانية لبعض المهام اللوجستية التي قد تحتاجها القوات العسكرية الروسية في سوريا.
ولا تستبعد الأوساط نفسها وجود نيّة لدى موسكو لنشر منصّات لصواريخها، في المدى القريب على أراضي لبنان، إذا تمّ الاتفاق معه، في حال توسّع الاستثمار الروسي في غاز البحر المتوسط من جهة الشواطئ اللبنانية.
فإلى أيّ مدى ستتمكن الولايات المتحدة من ردع روسيا؟
بحسب المصدر الديبلوماسي نفسه انّ روسيا تهدف الى إظهار نوعية الدور الروسي في المنطقة للبنان والعالم العربي، وعمّا يميّزه عن الدور الاميركي. ويقول في هذا الاطار: «انّ المكاسب الروسية تختلف عن المكاسب الاميركية، واذا أردنا اختصار المكاسب الاميركية وجدنا انها بَحت جيوسياسية، وتشمل اموراً عديدة وتصبّ فقط في مصلحتها الخاصّة في المنطقة. امّا المكاسب الروسية السياسية فتصبّ في عملية «الربح المتبادل».
ويضيف المصدر نفسه: «انّ روسيا تسعى الى إيضاح دورها في الشرق الاوسط، وخصوصاً في سوريا، لأنّ الاعلام الاميركي نجح في ترويج أفكار مغلوطة عن الدور الروسي».
أمّا بشأن العلاقات الروسية الحالية مع لبنان، فإنّ موسكو تراهن على مجلس نواب حليف لمحورها المنتصر، وتأمل من خلاله تمرير ما تريده في المراحل اللاحقة. ومن هناك تبدأ.