#الثائر
– محرر الشؤون السياسية
عودة العلاقات اللبنانية - السورية إلى طبيعتها حاجة وأكثر من ضرورة، لكن مهلا، ما هكذا تورد الإبل، ولا هكذا تُــحل الأمور مع تقديم التبريرات على أن عودة العلاقات فيها مصلحة للبنان أولا، فهذا كلام لا يُصرف السياسة، ولا يمكن استعادة ما انقطع من تواصل بـ "شخطة قلم" أو بزيارات متبادلة، فلعودة العلاقات شروط تبدأ أولا باحترام سيادة لبنان، وتخلي دمشق عن اعتبار لبنان محافظ سورية.
فلنعترف أولا أن ثمة مشكلة وتاريخا من علاقات ملتبسة ارتكب فيها السوري ما يعصى على الوصف، تحقيرا لشعبه وتدخلا في مجمل شؤونه الداخلية، هذا فضلا عن ارتكابات اعترف بها السوري ضمنا، وقدم مطالعة نقدية في حدود لم ترض بعض حلفاء الداخل، ممن يندفعون اليوم لإدخال السوري في صلب المعادلة السياسية الداخلية، والمطلوب أن تسلك العلاقات أن مسارها الطبيعي بين دولتين في علاقة ندية لا يكون فيها لبنان تابعا لإملاءات وشروط تفرضها أجندة السوريين في هذه المرحلة، ما يمهد ضمنا لعودة وصاية متوارية هذه المرة.
طبقة سياسية طفيلية
لا يتحمل السوري كل تبعات انغماسه في أزمات لبنان، ذلك أن ثمة طبقة سياسية طفيلية (باستثناء " حزب الله ") مهدت له الطريق للإمساك بكل مفاصل السياسة اللبنانية، وبرزت قوى سياسية وفرت للسوري مناخا ليكون حاضرا في كل شاردة وواردة، وهنا يجب التنويه إلى أن "حزب الله" لديه أكثر من سبب، سابقا وراهنا، لتحالفه مع سوريا وما تشكل من مدى حيوي للمقاومة في وجه الاحتلال الإسرائيلي، ولدى الحزب الكثير من المبررات للدعوة إلى استعادة العلاقات مع سوريا ، فضلا عن أن قيادة " حزب الله " من المفترض أن تشكل حصنا منيعا أمام اندفاع السوري باتجاه معاودة احتواء لبنان وتوظيفه حربا أو سلما أو خضات أمنية بما يخدم أهدافه في المنطقة.
وهذا لا يعني استحضار وتغليب مواطِن الخلاف، فالمطلوب استعادة العلاقات لكن دون تسرع، ودون القفز فوق إرادة اللبنانيين، ونقصد هنا فريق 14 آذار، ليس كقوى سياسية فحسب، وإنما كجمهور واسع، ولسنا لندافع عن 14 آذار ولدينا ما يكفي من ملاحظات طاولت سابقا وتطاول اليوم أداءها، وكذلك الحال بالنسبة لفريق 8 آذار، فكلاهما انخرط في أجندات خارجية ودفع لبنان من اقتصاده واستقراره أثمانا باهظة.
راع محايد
عودة العلاقات اللبنانية – السورية تتطلب راع محايد في حدود لا تستفز مشاعر جمهور فريق يمثل جزءا كبيرا من النسيج السياسي والاجتماعي، والأقرب للعب هذا الدور روسيا ، فهي الآن ضمانة اللبنانيين أو هذا هو الدور المعول عليه، وهي العارفة بخفايا الأمور والأقدر على فهم هواجس من اكتووا بوصاية حملت إلى لبنان الكثير من المآسي في السياسة كما في الاقتصاد.
ما نشر أمس عن مساع روسية لإقامة حوار غير مباشر بين فريق الرابع عشر من آذار اللبناني من جهة و النظام السوري من جهة أخرى، هو المدخل الصحيح لمعالجة ملف العلاقة بين الدولتين، بعيدا من محاولة ابتزاز الجانب اللبناني في ما خص معبر نصيب، وما يشكل من شريان حيوي للبنان.
كما أن المطلوب راهنا شطب عبارة "تطبيع العلاقات"، والاستعاضة عنها بـ "علاقات طبيعية"، كي لا يضيع لبنان مجددا في مفردات وتوصيفات من قبيل "شعب واحد في دولتين"!