#الثائر
كتبت صحيفة العربي الجديد تقول: لا يزال التقدّم في ملفي التهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي، والمصالحة بين حركتي " حماس " و"فتح"، رهن مباحثات الأسبوع المقبل، التي ستطلقها من جديد المخابرات المصرية، في كل من القاهرة ورام الله. لكنّ كلا الملفين يمران بأزمة في ظل الظروف المعقدة داخلياً، والضغوط الخارجية، وارتباط كل منهما بقضية مختلفة، فالمصالحة بالدرجة الأولى ليس لها ارتباط مباشر بالتهدئة، لكن في الحالة الفلسطينية والاحتراب الداخلي جرى ربطهما سوياً. ووفق معلومات "العربي الجديد"، فإنّ أسس التهدئة وُضعت في القاهرة أخيراً، ويُنتظر حالياً أخذ موافقة السلطة الفلسطينية وحركة "فتح" عليها، لكن تحصيل هذه الموافقة ليس سهلاً في ظل حالة الخلاف القائمة بين طرفي الانقسام الداخلي، والخلاف الواضح بين رام الله والقاهرة.
وبكل الأحوال، فإنّ التهدئة كانت قاب قوسين أو أدنى من التحقق قبل عيد الأضحى، لكن رفض "فتح" لها بالشكل الذي عُرض عليها أجّلها ولم يعطلها، وفق المصادر ذاتها. ويُنتظر أن يزور وفد مصري رسمي رام الله في الأيام المقبلة للقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي غاب عن صلاة العيد لأول مرة منذ سنوات طويلة.
وأعلن رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، أن حصار غزة يترنّح بعد مرور العام الثاني عشر على التوالي، بفضل مسيرات العودة وكسر الحصار على الحدود الشرقية للقطاع، وتضحيات الشعب الفلسطيني، وهو قاب قوسين أو أدنى من النهاية. وأكد أن حركته تسير في طريق إنهاء الحصار عن القطاع من دون دفع أي ثمن سياسي، موضحاً أنّ "الحصار سوف ينتهي بتفاهم وطني وشبكة أمان عربية".
غير أنّ القيادي البارز في "حماس"، صلاح البردويل، كتب على "تويتر" و"فيسبوك"، ما يشبه نفي قرب فك الحصار والوصول إلى التهدئة. وقال البردويل، الذي شارك في مباحثات القاهرة: "كثير من الناس في غزة الصابرة ينتظرون ما ستسفر عنه أيام ما بعد العيد بعد هذه المحادثات الطويلة في القاهرة". وأضاف: "لا تبدو ملامح كسر الحصار قريبة إلى حد التفاؤل، ولكن ليس معنى ذلك أن سيف الزمن المحترق عنوة هو مسلط على رقابنا فقط، بل الزمن دوار دوران السيف في كل اتجاه، وفي المحصلة الحصار مهزوم بهزيمة من فرضوه، وسنسمع الكثير من التسريبات والفبركات والإشاعات والأكاذيب والتهديدات والمضايقات والضغوط لتدفيع شعبنا أكبر ثمن مقابل سلعة لا تسمن ولا تغني من جوع". ووفق البردويل، "لدينا قوة الإرادة وقوة المخزون الذي يمكننا من فرض معادلة الحرية بمعناها الأصلي، وستكشف الأيام الزبد ويبقى في النهر الماء الصافي، والأيام بيننا".
ويبدو من حديث البردويل أنّ المباحثات لا تزال صعبة، أو أنه لا يريد رفع سقف التوقعات، كما قياديين ومسؤولين آخرين، كي لا يُصدم الفلسطينيون بواقع مختلف. لكن تصريحات هنية، ومصادر "العربي الجديد"، التي أكدت وضع أسس التهدئة بشكل رسمي، في انتظار الإعلان عنها في وقت قريب جداً، تنفي تأزم الأوضاع.
أما المصالحة المتعثّرة منذ الانقسام وعشرات الاتفاقيات التي لم تطبّق، فتمر بظروف قاسية، إذ إنّ كل طرف يتمسك بما يراه مناسباً له، في ظل غياب دور حقيقي للوسيط المصري لفرض حلول على الطرفين يمكن من خلالها الوصول إلى اتفاق وتطبيقه على الأرض.
وفي سياق متصل، أكدت مصادر فلسطينية مطلعة، لـ"العربي الجديد"، أنّ حركة "حماس" أبلغت جهاز المخابرات المصري بتمسكها بالورقة المصرية الأولى للمصالحة التي أعلنت في وقت سابق القبول بها بشكل كامل، قبل أن تقدّم مصر ورقتها المعدّلة بناء على طلب من حركة "فتح". وذكرت المصادر أنّ وفد "حماس" الذي أنهى اللقاءات حول التهدئة والمصالحة في مصر قبل أيام، أبلغ السلطات المصرية بتمسك الحركة بالورقة المصرية التي تبلّغ مدير المخابرات المصرية عباس كامل الموافقة عليها من رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية في 19 يوليو/ تموز الماضي. وكان هنية قد أبلغ كامل بموافقة الحركة على الورقة المصرية للمصالحة، وأكد له الموافقة على الذهاب لانتخابات رئاسية وتشريعية فلسطينية شاملة عقب تنفيذ اتفاق المصالحة وتطبيقه على الأرض، في مدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر.
وتنصّ الورقة المصرية للمصالحة على رفع عقوبات السلطة الفلسطينية المفروضة على قطاع غزة ، وعلى رأسها إعادة رواتب آلاف الموظفين بشكل كامل، إضافة إلى دفع الموازنات التشغيلية للوزارات. وتتضمن تولّي وزراء حكومة الوفاق الوطني مهامهم بالهيكلية الإدارية ذاتها القائمة في الوزارات العاملة في غزة، وتشغيل محطة الكهرباء من خلال توفير الوقود لها من دون فرض ضرائب عليه. وحددت الورقة مدة أقصاها خمسة أسابيع لتشكيل حكومة وحدة وطنية، إلى جانب استيعاب موظفي قطاع غزة المدنيين الذين عُيّنوا بعد الانقسام، ودفع رواتبهم أسوة بموظفي السلطة الفلسطينية في غزة، فيما سيتولى وفد أمني عربي ترتيب أوضاع الأجهزة الأمنية بالتوافق بين الحركتين.
والورقة المصرية هذه رفضتها حركة "فتح" بشكل غير مباشر، كما أنّ مصر استجابت لها وعدّلتها، لتعود "حماس" وترفضها، وظل الأمر حبيس هذين الرفضين، في انتظار ما ستؤول إليه مباحثات ما بعد إجازة العيد.