#الثائر
لا يمكن مقاربة أزماتنا بعيدا من قصور الدولة وغيابها، وإلا كيف نفسر تنظيم وزارات عدة لملف المولدات الخاصة وتحديد تعرفة موحدة؟ هذامع العلم أن اللبنانيين وعدوا، وليس من زمن بعيد بأن الكهرباء ملف ويطوى 24 على 24، وإن كنا نعلم أن هذا الملف هو نتاج فشل حكومات ما بعد الطائف ، لكن ذلك لا يلغي المسؤولية في مداها القريب.
لا تقتصر معاناتنا على انقطاع الكهرباء فحسب، وتحمل أعباء مالية إضافية لجهة دفع فاتورتين (دولة واشتراك)، فثمة الكثير من أزمات ماثلة الآن كالنفايات والتلوث الذي يشمل مساحات واسعة من الشاطىء اللبناني، فضلا عن كارثة ردم البحر لصالح مطامر شاطئية، وغير ذلك من تفاصيل غدت جزءا من حياتنا اليومية، من الاقتصاد إلى الصحة إلى التربية وصولا إلى هجرة الشباب كخيار وحيد لمواجهة انعدام فرص العمل.
دائما تفتش الدولة عن شماعة تعلق عليها عجزها، ولم نرَ توجها صريحا لمكافحة ما يضعف دورها، على الأقل لناحية الفساد الحاضر بشهادة أهل السلطة من جهة، ووزارة لم يتح لها ممارسة مهامها من جهة ثانية، وما يستوقفنا في هذا السياق دعوات رئيس الجمهورية ميشال عون لمواجهة مشكلات بعينها، لكن دون أن تلقى هذه الدعوات الصدى المطلوب، وكأن ثمة من هم خارج الدولة، دون إغفال أن هناك بعض المسؤولين دأبهم التخفيف من حجم الأزمات، تماما كما هو الحال مع تلوث البحر، خصوصا وأننا شهدنا تناقضا في النتائج بين جهتين معنيتين، علما أن التلوث في كثير من المواقع ليس بحاجة لفحص عينات، فيما الصرف الصحي مسلط مباشرة إلى الشاطىء.
ومع العجز الرسمي، تطغى البيانات "التبريرية" التي غالبا ما ترتد على أصحابها، ذلك أن من هو على صواب لا يبرر، وإنما يمشي واثقا ولا يأبه لأحد، كما أن البعض من المسؤولين يعمد إلى تخطي الوقائع من خلال "تزيينها" بأسباب "خارجة عن الإرادة"، ومن آنٍ لآخر تطل مشاريع مشبوهة من باب جس النبض، وآخرها مشروع ردم الحوض الرابع في مرفأ بيروت.
لا يعرف اللبناني إلى من يشكو، وكيف يرفع الصوت ومتى، لكن ما بات معروفا وراسخا كحالة لا تحتمل التأويل والاجتهاد هو أن اللبناني يعيش حالة من اليتم الرسمي، فهو وحيد في معاناته وأزماته وإحباطاته!