#الثائر
- * " فادي غانم "
يبدو أن قطار الحكومة خرج عن سكة التأليف، وهذا ما عاد موضع نقاش إذا تأكدنا أن رحلة هذا القطار المفترض أن يقطعها بأيام عدة، استغرقت إلى الآن وقتا قد يطوي الشهر الثالث، وربما أكثر، فمن يصلح الخطوط المعطلة وتوحيدها في مسار واحد يفضي إلى ما يطمئن اللبنانيين؟
هذا السؤال لا يمكن الإجابة عنه، بعيدا من ضرورة إرساء تفاهم صريح، وإن اقتضى الأمر من سائر القوى السياسية تقديم بعض التنازلات، خصوصا وأن القضايا الحياتية باتت تثقل كاهل المواطن، بدءا من الإقتصاد مرورا بالكهرباء وأزمة المولدات الخاصة وصولا إلى النفايات واستمرار التلوث مع انتشار المكبات العشوائية، وبعضها تحولت محارق في الهواء الطلق توزع سمومها في سماء القرى والبلدات.
ولا ننسى أزمة النازحين السوريين، وقد حضرت في عظة غبطة أبينا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي يوم أمس الأحد، حين قال: "أما وقد توافق اللبنانيون بمختلف توجهاتهم على وجوب العودة الكريمة والآمنة للإخوة النازحين السوريين حماية لهويتهم الوطنية، وحقهم في المساهمة في إعادة إعمار بلدهم وتقرير مصيرهم فيه، ولما كانت روسيا قد طرحت رسميا مبادرة في هذا السياق، ومع المجتمع الدولي يجري النقاش حول مبادرتها لتسهيل عودة النازحين إلى أماكن إقامتهم الأصلية، مع توفير ضمانات قانونية وأمنية ومقومات الحياة الإقتصادية -الإجتماعية ذات الكرامة والأمان، فإن لبنان ممثلا بالمسؤولين الرسميين فيه مدعو لمواكبة هذه المبادرة بمرجعية ورؤية وطنية موحدتين، وبالتنسيق مع منظمة الأمم المتحدة".
وأبعد من ذلك رأى البطريرك الراعي أن هذا الأمر يستدعي الكف عن تسييس المبادرة لمآرب شخصية، وإبقاء هذه المبادرة في إطارها الإنساني وفقا لمعايير القانون الدولي، بحيث يسمح للإخوة النازحين ترتيب أوضاعهم والعودة تحت مظلة تفاهمات دولية وإقليمية، بما يخفف العبء عن المجتمعات المضيفة".
في إزاء كل الأزمات الحاضرة، وبعضها مرشح للتفاقم، وبعد أن ضل قطار تشكيل الحكومة طريقه، لا بد من تبني بعض التنازلات من مختلف القوى السياسية المعنية، كي لا يخسر الجميع ومعهم لبنان أكثر مما خسر حتى الآخر، فيما نحن ما نزال في مهب الوقت الضائع، والتنازل هنا، ليس سمة بالضعف، لأنه في حالة لبنان يصبح التنازل فلسفة حياة تجسد القوة، خصوصا وأن التنازل المطلوب ليس لفريق أو جهة سياسية معينة، وإنما للبنان الغارق في عتم ردهة انتظار موصدة بمواقف غير قابلة للمساومة.
كل الخوف أن تطول الأزمة أكثر، ولا نعود نملك كمواطنين إلا الصلاة، كما تلك التي رفعها غبطته حين دعا إلى "تأليف حكومة يكون ولاؤها للبنان، لشعبه وكيانه ومؤسساته، حكومة قادرة ويكون مقياسها لا مجرد أحجام عددية بل الكفاءة والنزاهة والتجرد".
*الحاكم السابق لجمعية أندية الليونز الدولية – المنطقة 351 (لبنان، الأردن، العراق وفلسطين)
*رئيس "جميعة غدي"