#الثائر
– محرر الشؤون السياسية
ليس ثمة من يبدِّد هواجس وليد جنبلاط وسط المتغير الإقليمي وتطور الأوضاع على الساحة السورية بنوع خاص، وجاءت تغريدات "البيك" الأخيرة لتعكس جملة من المخاوف والتوجسات، مع استعادة الرئيس بشار الأسد زمام المبادرة في الحرب السورية الدائرة منذ سنوات عدة، ولو في حدود الدور الروسي الممسك بمعظم مفاصل الأزمة بجانبيها السياسي والعسكري.
يدرك جنبلاط أن اختلال ميزان القوى في المنطقة تترتب عليه أمور عدة، أقلها البحث عن دائرة أمان، ذلك أن ردم الهوة مع النظام السوري ليس واردا لا الآن ولا في المدى المنظور، ومرة جديدة تسقط رهانات زعيم المختارة مع انحسار الدور الأميركي، وسعي الروس لضبط الصراع مع إسرائيل في حدود ما كانت عليه الأمور على جبهة الجولان قبل الحرب السورية، وفي هذا السياق كان انحساب الإيرانيين مسافة 85 كيلومترا على خط الجبهة مع القوات الإسرائيلية .
ولعل هواجس البك تظل متمثلة في ما إذا كانت ثمة عودة للعامل السوري على مسرح السياسة الداخلية، ومثل هذه الهواجس مشروعة في هذه اللحظة، ولكن في حدود ما عاد بالإمكان تجاوزها، فسوريا اليوم غيرها بالأمس، وأولياتها تتركز على تسوية الصراعات على أكثر من جبهة داخلية، ومن ثم هناك إعادة الإعمار التي تتطلب حدا أدنى من الاستقرار الداخلي، فضلا عن أن الدور السوري في لبنان سيظل محكوما بعناصر عدة، أولها متصل بالعهد وموقع الرئاسة الأولى الرافض لمبدأ الاستلحاق ولأي شكل من أشكال الوصاية، ومن ثم لم يعد السوري اللاعب الرئيسي في المنطقة وبات محكوما بسقوف إقليمية (إيران) ودولية (روسيا)، وفي حدود معينة "حزب الله"، فمعادلة الميدان والحرب تفرض نفسها في حاضرة العمل السياسي، بمعنى أن انتصار سوريا هو نتاج عوامل عدة وفرت للنظام سبل البقاء وعدم الانهيار التام، ومن هنا ثمة مفاعيل لتحالف لا يمكن أن تختزله دمشق بمعزل عن شركائها في الانتصار.
لكن تبقى هواجس جنبلاط حاضرة لأسباب غير منفصلة عن العلاقة التاريخية مع سوريا، خصوصا في فصولها الأخيرة، ولذلك التقط "الرادار" الجنبلاطي إشارات واضحة من أن دائرة الأمان لا يمكن أن يرفرها إلا الروس، وفي هذا السياق جاءت زيارة نجله النائب تيمور إلى روسيا، وقد غرد عبر "تويتر"، منوها إلى أن "العلاقة مع روسيا تاريخية وثابتة وبناءة، واللقاء مع صديق الحزب (الاشتراكي) وصديق لبنان مخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي والمبعوث الخاص للرئيس بوتين جاء في هذا السياق وكان إيجابيا وضروريا نظرا للواقع المستجد".
فهل يوفر الروس فسحة الأمان المرجوة؟ ما هو واضح الآن أن هواجس جنبلاط حطت في موسكو، ومن المتوقع أن تتبلور رؤى وتطلعات في سياق ما يستجد من معطيات بعد أن تتضح معالم الصراع في المنطقة!