#الثائر
كتبت صحيفة العربي الجديد تقول: ربما يكون اليوم الأحد، اليوم الأكثر أهمية بالنسبة لاتفاق تهدئة أمنية طويل الأمد فيقطاع غزة، يجري التحضير له منذ فترة طويلة بين أطراف عدة، تتقدمها مصر والأمم المتحدة وبعض الأطراف العربية، كوساطة بين حركة حماس وإسرائيل. اتفاق يقرر الكابينيت الإسرائيلي اليوم موقفه النهائي منه، في ظل خلو بنود المعروض من ضمانات، حتى الآن، من شأنها أن تلزم دولة الاحتلال بمضمونه، وهي التي لطالما نقضت اتفاقات تهدئة كثيرة مع الفصائل الفلسطينية المسلحة في غزة منذ سنوات.
وتبدو مضامين الاتفاق ثلاثية الأضلاع، تبدأ من هدنة عسكرية متبادلة تتوقف بموجبها الفصائل الفلسطينية عن إطلاق الصواريخ والطائرات الورقية والبالونات الحارقة على الأراضي المحتلة، مع تجميد مسيرات العودة المستمرة منذ 30 مارس/آذار ربما على السياج الحدودي، في مقابل التزام إسرائيلي مماثل بوقف ارتكاب الجرائم بحق الفلسطينيين. وفي الضلع الثاني، تخفيف حقيقي للحصار المفروض مصرياً وإسرائيلياً على القطاع، مع تنفيذ مشاريع تنموية فعلية يستفيد منها أهالي غزة، مع بند ثالث حساس يتعلق بمفاوضات إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين الموجودين لدى حركة حماس منذ عدوان 2014.
وساد التكتم، أمس، أوساط حماس، حيال القرار الذي اتخذته قيادتها حيال المعروض عليها، وقد استوجب نقاشه مجيء المطلوب الرئيسي بالنسبة لدولة الاحتلال، نائب رئيس المكتب السياسي، صالح العاروري، وقيادات أخرى مثل موسى أبو مرزوق إلى غزة، بضمانات مصرية، بعدم استهدافهم من قبل الاحتلال، للتشاور مع بقية مسؤولي الحركة، في مقدمتهم إسماعيل هنية، حول الموقف النهائي.
وعشية عقد الحكومة الإسرائيلية، اليوم الأحد، جلسة نقاش حاسمة بشأنه، كشفت مصادر لـ"العربي الجديد" أن "النظام المصري نجح في إدخال تغيير على مسار التهدئة الذي اقترحه المبعوث الدولي إلى المنطقة، نيكولاي ملادينوف، يراعي مصالحه الاقتصادية". وذكرت مصادر فلسطينية مطلعة أن "الجانب المصري أصرّ، خلال المداولات التي شهدتها القاهرة أخيراً، على أن يتم تدشين الرصيف البحري الذي يفترض أن يخدم قطاع غزة ويسهم في نقل حركة الصادرات والواردات منه وإليه في ميناء بورسعيد المصري وليس في قبرص، كما كان مقرراً".
وأشارت المصادر إلى أن "حركة حماس وافقت على تدشين الرصيف في بورسعيد، على الرغم من المخاوف من أن يسهم ذلك في تحسين قدرة نظام السيسي على التحكم في قطاع غزة وتمكينه من العودة مجدداً لمحاصرة القطاع". ونوّهت إلى أنه "من المستبعد أن تعترض تل أبيب على الطلب المصري، على اعتبار أن كل ما يعني إسرائيل هو أن تتم في بورسعيد عمليات الفحص الأمني تحت إشراف المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، للتأكد من أنه لا يتم تهريب أسلحة ووسائل قتالية أو مواد خام يمكن أن تستخدم في تصنيعها". وأوضحت المصادر أن "الرهان المصري على تحقيق عوائد اقتصادية كبيرة هو الذي دفع القاهرة إلى الإصرار على نقل مسار الخط البحري إلى بورسعيد، بدلاً من قبرص، على الرغم من أنه سبق لإسرائيل أن أجرت اتصالات مكثفة مع الحكومة القبرصية في هذا الشأن".
من ناحية ثانية، أشارت المصادر إلى أن "المسار المقترح للتهدئة تضمّن حلولاً لمشكلة موظفي حكومة غزة لا ترتبط بالسلطة الفلسطينية، فاقترح أن يتم تجنيد أموال دعم من دول الخليج والولايات المتحدة وأوروبا لحل المشكلة". وأوضحت أن "رفض حركة فتح الورقة التي قدمتها مصر بشأن تطبيق اتفاق المصالحة، يجعل من المستحيل تسوية الخلاف بشأن رواتب موظفي القطاع من خلال دفعها من قبل السلطة". وكشفت أنه "تبيّن للوسطاء الإقليميين والدوليين، أن هناك صعوبة في اقتطاع جزء من عوائد الضرائب التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة وتحويلها لقطاع غزة بهدف توظيفها في دفع رواتب الموظفين، على اعتبار أن الأمر يتطلب أولاً تعديل اتفاقية باريس الاقتصادية".
وأشارت المصادر إلى أنه "على الرغم من أن حركة فتح لم تقبل الورقة المصرية، إلا أن كلا من مصر وملادينوف تركا الباب موارباً، بهدف تمهيد الظروف أمام عودة السلطة إلى مسار المصالحة، لتصبح جزءاً من اتفاق التهدئة عملياً لجهة تسليم القطاع إلى السلطة الفلسطينية. وهو ما يعني أنه لم يتم إسدال الستار نهائياً على إمكانية أن يتم في المستقبل تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار الهادفة إلى إعادة تأهيل القطاع اقتصادياً من خلال السلطة الفلسطينية ومؤسساتها". ورأت المصادر أن "الردود المعتدلة للسلطة وحركة فتح على التسريبات المتعلقة بتفاصيل مسار التهدئة بين المقاومة في غزة وإسرائيل يبعث على الأمل بأن تحولاً إيجابياً يمكن أن يطرأ على موقف السلطة من كل من المسار والمصالحة". واستدركت المصادر أن "جميع الأطراف ذات العلاقة بمسار التهدئة تأمل ألا يرد رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، على الشروع في تطبيق هذا المسار بفرض حزمة جديدة من العقوبات، من شأنها أن تفضي إلى حدوث تدهور على الأوضاع الاقتصادية والإنسانية".
في هذه الأثناء، تستعد الحكومة الإسرائيلية لإجراء نقاش حاسم، اليوم الأحد، حول مسار التهدئة، في ظل حرص بعض الوزراء على التعبير عن تحفظاتهم على المسار، لأنه "لا يتضمن تصوراً حول مشكلة الأسرى الإسرائيليين لدى حركة حماس". وعلى الرغم من أنهم حرصوا على عدم الكشف عن هوياتهم، إلا أن بعض الوزراء، وضمنهم أعضاء في المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن، أوضحوا أنه "لا يمكن لإسرائيل الموافقة على أي مسار لا يضمن حل مشكلة الأسرى".
ومن أجل احتواء تحفظات أعضاء المجلس الوزاري المصغر، وعلى رأسهم وزير التعليم، زعيم حزب "البيت اليهودي" نفتالي بينيت، فقد أكد مصدر مقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن "الترتيبات الهادفة للتوصل إلى تهدئة مع الفلسطينيين في قطاع غزة تتضمن إجراء مفاوضات فورية بين الجانبين بهدف التوصل إلى صفقة تبادل أسرى". ونقلت قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة، ليلة الجمعة، عن المصدر قوله إن "المفاوضات ستهدف إلى التوصل إلى صفقة يتم بموجبها الإفراج عن الجنود الذين تأسرهم حركة حماس مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين في سجون الاحتلال".
وأضاف أن "إسرائيل أوضحت، بشكل لا يقبل التأويل، أن أية ترتيبات تتعلق بالتهدئة لا يمكن أن تستمر ما لم يتم حل قضية الأسرى الإسرائيليين لدى حركة حماس". ويظهر من إيضاحات المصدر أن "إسرائيل لا تشترط حل ملف الأسرى الإسرائيليين لدى حماس قبل الشروع في تطبيق التسهيلات الاقتصادية، بل إن تل أبيب تبدو معنية بأن يتزامن تطبيق هذه التسهيلات مع الشروع في مفاوضات حول الملف".
وقد نقلت قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية عن بعض الوزراء المؤيدين لمسار التهدئة مع حماس قولهم، إن "زملاءهم الذين يتحفّظون على المسار يستغلون قضية الأسرى من أجل تقليص قدرة نتنياهو على تمريره". وحسب القناة، فإن "التظاهرة التي ستنظمها عائلات الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، أمام مقر الحكومة أثناء اجتماعها، تهدف إلى الضغط على الوزراء للإصرار على ربط مسار التهدئة بحل ملف الأسرى".
وبغضّ النظر عن مآلات الموقف الإسرائيلي النهائية من ملف الأسرى، فإن مصادر فلسطينية حذّرت من أن "إحدى أخطر الحلقات المفقودة في مسار التهدئة المقترح، هي غياب ضمانات دولية وإقليمية، حتى الآن، تقلّص من قدرة تل أبيب على التملص من التزاماتها". وأشارت المصادر إلى أنه "سبق للمقاومة أن توصلت إلى عدد من التفاهمات غير المباشرة مع إسرائيل بشأن التهدئة، لكنها جميعاً تم خرقها من قبل تل أبيب. الأمر الذي يحتم الحصول على ضمانات لعدم تكرار هذه التجربة". ونوّهت المصادر إلى أن "الجانب الفلسطيني يصر على الحصول على مثل هذه الضمانات قبل أن يشرع في تطبيق أية التزامات في إطار مسار التهدئة".