#الثائر
شارك النائب العميد شامل روكز ممثلاً الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، باجتماع غرب آسيا الإقليمي التحضيري لمؤتمر الأمم المتحدة الرابع عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائية.
وقال النائب العميد شامل روكز : "يسرّني أن أرحّب بكم جميعًا في بيروت، وأن أشارككم هذا اللقاء ومحوره منع الجريمة والعدالة الجنائيّة، ممثّلاً الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، بصفتي رئيسًا للوفد اللبنانيّ لديها.
والجمعيّة التي ذَكَرت، هي منظمة دولية برلمانية تضمّ في عضويتها ثلاثون دولة من المنطقة الأورومتوسطية، وتتمتع بصفة المراقب الدائم في الجمعية العامة للأمم المتحدة. أمّا دورها فيقوم على السعي لتحقيق التعاون السياسي والاقتصادي والاجتماعي بين الدول الأعضاء، بخاصّة برلماناتها الوطنية، وذلك من أجل إيجاد حلول تشريعية مشتركة للتحديات التي تواجه المنطقة.
وشدّد العميد روكز على أن: "قضية الإرهاب كانت ولم تزل على رأس أولويات جمعيتنا، والتي تعمل بترابطٍ وثيق مع الأمم المتحدة، بهدف تنفيذ الإجراءات التشريعية اللازمة لتحويل قرارات مجلس الأمن إلى قوانين وطنية فعّالة لمكافحة جريمة الإرهاب.
لقد شهدنا جميعًا هزيمة ما سُمّي بتنظيم الدولة الإسلامية عسكريا وخسارته أراض كان قد سيطرعليها، وبالتالي تمكّننا من إيقاف مشروع إعلان دولته… مع ذلك، فلم نتمكّن بعد من هزيمته كجماعة إرهابيّة وإيديولوجيّة.
في الواقع، إن تداعيات الخسائر الإقليمية التي تكبدها تنظيم الدولة، خاصة فيما يتعلق بالمقاتلين الباقين على قيد الحياة، تتطلب منا إعادة تقويمِ اتساع التهديد الإرهابي، والتحرك وفقاً لذلك."
ولفت العميد روكز الى:"التقرير الذي قدّمه الأمين العام للأمم المتّحدة إلى مجلس الأمن قبل نحو شهر، يبيّن لنا أنّ ما بين أربعة عشرة ألفا وثمانية عشرة ألفًا من مقاتلي تنظيم داعش، ومن بينهم ثلاثة آلاف من الأجانب، يتواجدون في أماكن مختلفة في سوريا والعراق. هذا بالإضافة إلى أن العديد من بينهم وجدوا "ممرا آمنا" غادروا من خلاله تلك المنطقة وصولا إلى آسيا الوسطى والقارة الأفريقية، حيث يقومون بتوسيع أنشطتهم بشكل كبير، لا سيما في تلك المناطق من الساحل التي ما زالت لا تخضع للحكم إلى حدّ كبير.
وتشير الأمم المتحدة في تقاريرها إلى أن حوالي الستّة آلاف مقاتل إرهابي أجنبي من المنطقة الأورومتوسطية قد عادوا بالفعل إلى بلدانهم الأصلية، ما يشكل تحديا كبيرا في كيفيّة التعامل معهم ومع عائلاتهم. لذا، صار لزامًا علينا تقويم الخطر الذي يشكله هؤلاء الأفراد، والعمل على مقاضاة مرتكبي الجرائم المتعلقة بالإرهاب، وأن نكون في جهوزيّة تامّة لمعرفة كيفيّة التعامل معهم عند إطلاق سراحهم، وبعد انقضاء مدة عقوبتهم.
وحتى نمنع انتشار خطر الإرهاب بجوانبه الجديدة، واجبٌ علينا التركيز على دفع العائدين وأسرهم إلى نبذ التطرف من جهة، وعلى الأسباب الاجتماعية التي تؤدي إلى التطرف، بين شبابنا من جهة أخرى.
والتقرير الأخير الذي قدمه الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن حول التهديد الذي يشكله تنظيم داعش في العراق، لفت إلى وجود ثلاثة عشر ألفًا من القُصّر حتى سن الثانية عشرة لا تُعرف جنسيتهم، إمّا بسببٍ من أوراقهم الثبوتية الغير متاحة أو لأنهم لم يُدرجوا إطلاقا ضمن سجل المواليد. فلنتيقّن جميعًا أن الفشل في دمج هؤلاء الأطفال في المجتمع قد يؤدي إلى تفاقم خطر الإرهاب بعد عشرين عامًا من الآن.
وعليه، فإن إستراتيجية مكافحة الإرهاب يجب أن تكون شاملة وتمتلك منظورًا واسعًا مشترك بين الأجيال، همّه معالجة قضايا الشباب المُهمّش والذي قد يكون عرضة للانحراف نحو التطرف.
وأضاف النائب العميد روكز: "عقدت جمعيتنا جلستها العامة الثالثة عشرة في بلغراد الشهر المنصرم، حيث كانت قضية الإرهاب في طليعة مناقشاتنا، وتم إثراء النقاش حينها بحضور أحد كبار المسؤولين في مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، حيث تتمتع الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط بشراكة طويلة الأمد مع الأمم المتحدة في هذا المجال.
وفي بلغراد، قامت جمعيتنا بتشكيل لجنة خاصة معنية بالإرهاب، وحددت "الشباب ومنع التطرف العنيف" كأحد أبرز أولوياتها، وقد أنشأت فريق عمل لهذه المسألة، تمّ تكليفه بمهمة فحص العوامل الاجتماعية التي تؤدي إلى ظهور التطرف بين شبابنا، بما في ذلك العزلة الاجتماعية، ونقص فرص العمل، وضعف التعليم، والتعرض للدعاية المتطرفة. ويُعقد في شهر مايو القادم أول اجتماع تنسيقي في روما لهذه الغاية.
وفي تلك الجلسة، تبنّت جمعيتنا بالإجماع قرارًا جديدًا إلى جانب مجموعة محددة من التوصيات التشريعية والعملية لجميع برلماناتنا الأعضاء. ويسرني أن أشارككم بعضًا السياسات الرئيسية التي نحث برلماناتنا على تنفيذها على المستوى الوطني وجماعيا على المستوى الإقليمي:
أولاً، تنسيق التشريعات الوطنية وتحديثها بما يتماشى مع القرارات الدولية ذات الصلة، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن الحديثة وأطرها التوجيهية، كمبادئ مدريد على سبيل المثال والملحق الخاص بها.
إن تنسيق التشريعات يُعد أمرا ضروريا لتسهيل التعاون العابر للحدود بين أجهزتنا الاستخباراتية وجهات إنفاذ القانون والهيئات القضائية من أجل تتبع الإرهابيين والقبض عليهم ومقاضاتهم.
ثانياً، يتعين على البرلمانات الوطنية تنفيذ مهمة الرقابة على مؤسسات الدولة لضمان تنفيذ تدابير مكافحة الإرهاب في إطار سيادة القانون، وتماشياً مع الالتزامات بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان واللاجئين والقانون الدولي الإنساني.
ثالثا، تعزيز الجهود الرامية إلى مكافحة التطرف وانتشار الفكر المتطرف، من خلال تجفيف منابعه وإعادة تأهيل العائدين إن أمكن، هذا بالإضافة إلى منع التطرف في أنظمة السجون، ومكافحة الدعاية المتطرفة عبر الإنترنت، ومعالجة التهميش الاجتماعي للأفراد."
وختم النائب العميد روكز أن: "تعزيز التعاون وتضافر الجهود بهدف مكافحة الإرهاب على الصعيدين الوطني والدولي بين المشرعين والهيئات الحكومية وجهات إنفاذ القانون والهيئات القضائية والقيادات الدينية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص.
من جانب جمعيّتنا، خطوتنا الرئيسية التالية تكمن في فحص العلاقة بين الأمن والتحركات السكانية في مؤتمرنا القادم في تركيا في شهر يوليو، والذي سيتناول قضية عودة المقاتلين الإرهابيين الأجانب وملاحقتهم وسجنهم ودفعهم إلى نبذ التطرف وإعادة تأهيلهم.
إلى ذلك، تخطط الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط في أكتوبر المقبل وبالتعاون مع مجلس أوروبا، لدراسة الجوانب الإلكترونية للتهديد الإرهابي، بما في ذلك التمويل، واستخدام التكنولوجيا الحديثة لأغراض إرهابية، والتطرف عبر الإنترنت، ومراقبة الفضاء الإلكتروني وغيرها من القضايا.
نواصل العمل عن كثب مع الأمم المتحدة كشريك استراتيجي في جميع مبادراتنا لمكافحة الإرهاب."